أمام الشلل التام الذي أصاب قطاعي الفسفاط والأسمدة وما نتج عنه من خسائر فادحة للجهة والمجموعة الوطنية بكاملها وهو أمر يدمي القلب, أتقدم بمبادرة علّها تجد آذانا صاغية ومسئولين غيورين عن الجهة والوطن لمجابهة هذا الوضع المتردي إيمانا منّي بأن إنجاح المسار الجديد لوطننا العزيز يتطلب تظافر جهود ذوي العزائم الصادقة كل من موقعه.
وإعتبارا للوضع الحالي المتأزّم الذي تشهده مختلف وحدات شركة فسفاط قفصة المترتب أساسا عن:
1- تواصل سلسلة إعتصامات مجموعات من طالبي التشغيل بمقرات العديد من مواقع الإنتاج و التسيير.
2- توقف عمليات الاستخراج و التحويل و النقل و ما إنجرّ عن ذلك من خسائر مادية جسيمة مباشرة للمؤسسة و الجهة و الاقتصاد الوطني برمّته.
وبإعتبار أنّ السبب المباشر لهذه الوضعية هو تفشي البطالة بنسب مرتفعة و خاصة في أوساط الشباب و حاملي الشهادات العليا و أبناء العائلات المعوزة، فإننا نعتبر أن الحراك الاجتماعي إنطلاقا من الأحداث التي شهدها الحوض المنجمي خلال سنة 2008 وصولا إلى التحركات والإعتصامات الحالية هو نتيجة حتمية لتراكمات عقود طويلة من سياسة التهميش والإقصاء والتوزيع غير العادل للثروة الوطنية بالإضافة إلى إنتهاج منوال تنموي أثبت فشله في الإستجابة لحاجيات الجهة من بنى تحتية ومرافق حياتية وعمومية وتطلعات أبنائها وخاصة الفئة الشبابية.
لذلك فإننا نغتنم هذه الفرصة للتأكيد على ضرورة التعجيل بالمراجعة الجذرية لكل المقاربات والإختيارا ت بما يتجاوب فعليا مع طموحات أبناء شعبنا وحقه في الكرامة والعدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص.
كما نعبّر عن إستيائنا الشديد من تردي الأوضاع ونعتبر أن أي طرف لا يبادر إلى تحسين الظروف المعيشة بإرادة صادقة بهدف تجاوز هذه الأزمة إنّما يعمل في الواقع على مزيد تعميق حالة التردي وتعفين الأوضاع وذلك بالدفع نحو الحلول السلبية العقيمة.
لذلك نحمل كافة الأطراف بما فيها السلطة المركزية مسؤولياتها التاريخية كاملة وندعو الجميع إلى التحلي بروح المواطنة الحقيقية والعمل على إعلاء المصلحة العامة .
وإيمانا منّا بإستحالة تكفل شركة فسفاط قفصة بمفردها بإيجاد حلول عملية سريعة وراديكالية للمطالب الإجتماعية المرفوعة وعلى رأسها التشغيل كحق مشروع، فإننا نؤكــد علــى وجوب تدخــل مختلف أجـهــزة الدولـة ومصالحها في معاضدة مجهود الشركة في تحقيق التنمية بالجهة.
وفي إنتظار وضع برامج متوسطة وطويلة المدى، فإننا نقترح تفعيل المقترحات العملية التالية:
أ- برنامج إنتداب في الوظيفة العمومية
1- وزارة التربية:
- إنتداب أساتذة و معلمين للتدريس بفصول لا يتجاوز عدد التلاميذ بها 25 تلميذا بكلّ فصل.
- إنتداب أعوان تأطير وإرشاد بالمؤسسات التربوية بمعدل إطار عن كل 100 تلميذ.
2- وزارة الصحة:
تدعيم الإطار الطبي وشبه الطبي في مختلف المستشفيات المحلية والجهوية.
تجهيز المستشفيات الجهوية بآلات التشخيص والفحص الدقيق ومخابر تحاليل طبيّة مع انتداب الكفاءات المختصة.
تعيين ممرضين فارين بالمستوصفات الريقية
أما في إطار تعديل الخارطة الصحية الوطنية فإني أقترح الإسراع بإنجاز كلية للطب ومستشفى جامعي بقفصة يغطي حاجيات ولايات الجنوب الغربي ( سيدي بوزيد- القصرين- قفصة- توزر قبلي ).
3- وزارة الفلاحة و البيئة:
إنتداب إطارات و فنيين سامين وأعوان تنفيذ في إطار برنامج المحافظة على المياه و التربة وإدارة الغابات.
إرساء مشروع مقاومة التصحر الممول من طرف الأمم المتحدة.
مساندة الفلاحين فنيا لتحسين الإنتاج وترويجه.
الإسراع بتسوية الأراضي الاشتراكية وتجهيزها بآبار.
4- وزارة الدفاع الوطني :
تعزيزا لدور جيشنا الوطني ومساهمة منه في إيجاد الحلول الناجعة لتشغيل أصحاب الشهائد، نقترح إستقطاب المؤسسة العسكرية لما يعادل ثلاثين ألفا من الفئة المذكورة من أصيلي مناطق الشريط الحدودي التي تعاني من ضعف النسيج الإقتصادي بها وذلك عن طريق إبرام عقود خماسية يتم التنصيص فيها على إمكانية إنهائها من طرف كلّ متعاقد في حالة توفر فرصة تشغيل أنسب وأكثر تماشيا مع مؤهلاته العلمية.
أمّا في ما يتعلق بنظام التأجير، فإنّه يتم الإعتماد على مبلغ المنحة المقرر صرفها من قبل وزارة التنمية الجهوية والمحلية والمقدّرة بــ 250 دينار ، على أن يتم تمويل مصالح وزارة الدفاع الوطني بالمبلغ الجملي لمنحة الثلاثة أشهر الأولى من فترة العقد أي خلال مدّة التربص التحضيري يُخصص جزء منها لإقتناء البزّات العسكيرية.
5- برنامج إنتدابات مباشرة في المصالح الجهوية للوزارات التالية :
- الوزارة الأولى – وزارة التجهيز والنقل - وزارة الشؤون الدينية – وزارة الثقافة – وزارة الشباب والطفولة – وزارة المالية – وزارة التجارة والسياحة – وزارة التعليم العالي – وزارة التكوين المهني والتشغيل – الجماعات العمومية المحلية.
ب- برنامج انتداب في المؤسسات العمومية:
يهم هذا البرنامج بقية المنشآت العمومية الموجودة بالجهة :
الشركة التونسية للكهرباء والغاز – الشركة الوطنية للسكك الحديدية – شركة اتصالات تونس – الشركة الوطنية لإستغلال وتوزيع المياه - الديوان التونسي للبريد – الديوان الوطني للتطهير– المؤسسات البنكية – الصناديق الإجتماعية وصندوق التأمين على المرض وذلك بفتح فروع في المراكز المنجمية.
تتم الإنتدابات في مختلف هذه القطاعات بصفة فورية وممّولة من طرف وزارة التنمية الجهوية والمحلية في إطار برنامجي العائلات المعوزة وتدريب الإطارات).
ج- التفعيل الفوري لبرنامج الإستثمار الخاص في المشاريع الكبرى على النحو التالي :
1- إستئناف مشروع معمل الإسمنت بالجهة مع تحمّل شركة فسفاط قفصة والبنوك الوطنية للنسبة الأكبر في التمويل في إنتظار إختيار الطرف المنفذ.
2- إستئناف مشروع معمل الآجر بالمظيلة باعتماد نفس مصادر التمويل.
3 - إستئناف مشروع معمل الصلب بالمتلوي باعتماد نفس مصادر التمويل.
مع تكليف القطب التكنولوجي بقفصة بالقيام بانتداب الإطارات والفنيين الضروريين لتشغيل هذه المشاريع وإخضاعهم لدورة تكوينية في إنتظار الإنجاز الفعلي للمشاريع المذكورة.
كما نقترح تمتيع الأعوان المنتدبين في هذا الإطار بأجر شهري يتكون من 3 عناصر:
المنحة الخصوصية : 250 د
منحة إضافية على حساب المشروع : 150 د
منحة على حساب القطب التكنولوجي بقفصة : 150 د
هذا إلى جانب إنجاز برامج التشغيل حالا في قطاعي الفسفاط والأسمدة:
شركة فسفاط قفصة: وذلك بإنتداب 2000 عون والإسراع بإنجاز مشروع أم الخشب ( منجم سطحي ومغسلة) ممّا يفضي إلى تشغيل حوالي 500 عون.
كما نقترح الإنطلاق الفعلي في إستغلال منجم الفسفاط توزر – نفطة.
وعلى القطب التكنولوجي الإسراع تفعيل و إنجاز المشاريع التالية:
الرمل السيليسي لصنع البلّور بجبل العطّاف.
الجبس
الشارت بمنطقتي أم العرائس والرديف.
منجم الحديد بجبل العنق بمنطقة بوعمران.
المجمع الكيمائي التونسي: مضاعفة الوحدة الجديدة بالمعمل الكيميائي بالمظيلة ممّا سيوفر حوالي 700 موطن شغل إضافي.
وكذلك التخلّي عن برنامج التمديد في سنوات النشاط بعد بلوغ السن القانونية للتقاعد مع إقرار برنامج تقاعد مبكر إختياري يشمل الأعوان الذين أنهوا 30 سنة أقدميه فعلية في جميع القطاعات ودون إستثناء.
ولتجسيم هذه المقاربة فإننا بقدر ما نتفهم مشروعية مطالب المحتجين وتضامننا الكامل مع حقهم في الشغل والعيش الكريم، فإننا ندعوهم إلى تغيير شكل إحتجاجاتهم بما يسمح بعودة النشاط لقطاعي الفسفاط والأسمدة لما في ذلك من فائدة على الجهة والوطن.
ولطمأنة المحتجين فإننا نقترح إرساء قنوات حوار وتواصل بين الشركة ومحيطها تتكون من المنظمات الوطنية التالية:
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
الهيئة الوطنية للمحامين
جمعية القضاة
نقابة الصحافيين
ابن القطاع
عــــلي عمّـــــار